فصل: الإعراب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هذا ما قاله ابن الأثير وهو جيد يدل على ذوق وفهم ولكنه لا يخرج عن الحدود اللفظية، وسنذكر ما سنح للخاطر من أمر معنوي يتعلق بهذا الكلام فنقول لما كان الغرض تهجين قولهم، وتفنيد قسمتهم، والتشنيع عليها اختيرت لها لفظة مناسبة للتهجين والتشنيع كأنما أشارت خساسة اللفظة إلى خساسة أفهامهم وهذا من أعجب ما ورد في القرآن الكريم من مطابقة الألفاظ لمقتضى الحال.

.[سورة النجم: الآيات 26- 30]:

{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (26) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (27) وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا (29) ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى (30)}.

.الإعراب:

{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ والأرض} الواو عاطفة و{كم} خبرية في محل رفع مبتدأ و{من ملك} في محل نصب تمييز كم الخبرية وقد تقدم بحثه و{في السموات والأرض} صفة لملك وجملة {لا تغني شفاعتهم} خبر و{شيئا} مفعول {تغني} أو مفعول مطلق أي شيئا من الإغناء.
{لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى} {إلا} أداة حصر ومن بعد متعلق بتغني وأن وما في حيزها في تأويل مصدر مجرور بالإضافة لبعد و{اللّه} فاعل {يشاء ويرضى} معطوف على {يشاء}.
{إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى} إن واسمها وجملة {لا يؤمنون} صلة الموصول و{بالآخرة} متعلقان بيؤمنون واللام المزحلقة ويسمّون الملائكة فعل مضارع وفاعل ومفعول به والجملة خبر إن و{تسمية الأنثى} مفعول مطلق.
{وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} الواو حالية و{ما} نافية و{لهم} خبر مقدم و{من} حرف جر زائد و{علم} مبتدأ مؤخر والجملة في محل نصب على الحال.
{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} {إن} نافية و{يتبعون} فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل و{إلا} أداة حصر، و{الظن} مفعول به والواو للحال و{إن} حرف مشبّه بالفعل و{الظن} اسمها وجملة {لا يغني} خبرها و{من الحق} متعلقان بيغني و{شيئا} مفعول به أو مفعول مطلق.
{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا} الفاء الفصيحة وأعرض فعل أمر وعمّن متعلق بأعرض وجملة {تولى عن ذكرنا} صلة من والجار والمجرور متعلقان بتولي والواو عاطفة و{لم} حرف نفي وقلب وجزم و{يرد} فعل مضارع مجزوم بلم و{إلّا} أداة حصر و{الحياة} مفعول به و{الدنيا} صفة.
{ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} {ذلك} مبتدأ والإشارة إلى التهالك على الدنيا والإعراض عن ذكر اللّه وقيل {ذلك} إشارة إلى جعلهم الملائكة بنات اللّه وقيل إشارة إلى الظن أي غاية ما يفعلون أن يأخذوا بالظن، و{مبلغهم} خبر و{من العلم} متعلقان بمبلغهم والجملة اعتراضية بين الأمر وهو أعرض وبين تعليله الآتي، واختاره الزمخشري وقال أبو حيان أنه غير ظاهر.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى} {إن} واسمها و{هو} مبتدأ و{أعلم} خبر و{بمن} متعلقان بأعلم وجملة {ضلّ عن سبيله} صلة وجملة {هو أعلم} خبر إن وجملة {هو أعلم بمن اهتدى} عطف على الجملة السابقة.

.الفوائد:

1- اعلم إن كم اسم مفرد مذكر موضوع للكثرة يعبّر به عن كل معدود كثيرا كان أو قليلا، وسواء في ذلك المذكر والمؤنث، فقد صار لها معنى ولفظ وجرت في ذلك مجرى كلّ وأيّ ومن وما في أن كل واحد منها له لفظ ومعنى فلفظه مذكر مفرد وفي المعنى يقع على التثنية والجمع فقد جمع الضمير في الآية نظرا إلى المعنى ولو حمل على اللفظ لقال شفاعته.
2- من مبتكرات الخطيب في تفسيره الكبير تعليل طريف لتسميته الملائكة تسمية الإناث قال وذلك أنهم رأوا في الملائكة تاء التأنيث وصحّ عندهم أن يقال سجدت الملائكة فقالوا: الملائكة بنات اللّه فسمّوهم تسمية الإناث ولعلّ هذا ما أراده الزمخشري وتبعه البيضاوي بقولهما: لأنهم إذا قالوا الملائكة بنات اللّه فقد سمّوا كل واحد منهم بنتا.

.[سورة النجم: الآيات 31- 32]:

{وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (32)}.

.اللغة:

{اللَّمَمَ} قال الفرّاء: أن يفعل الإنسان الشيء في الحين ولا يكون له عادة ومنه إلمام الخيال، والإلمام الزيادة التي لا تمتد وكذلك اللمام، قال أمية:
إن تغفر اللّهمّ تغفر جما ** وأيّ عبد لك لا ألمّا

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينشدهما ويقولهما أي لم يلم بمعصية، وقال أعشى باهلة:
تكفيه خرة فلذ إن ألمّ بها ** من الشواء ويروي شربه الغمر

وعن أبي سعيد الخدري {اللّمم} هي النظرة والغمزة والقبلة.
وعن السدي: الخطرة من الذنب وعن الكلبي: كل ذنب لم يذكر اللّه عليه حدّا ولا عذابا وعن عطاء عادة النفس في الحين بعد الحين.
وقال أبو العباس المبرد: أصل اللّمم أن يلمّ بالشيء ولم يرتكبه يقال: ألمّ بكذا إذا قاربه ولم يخالطه.
وقال الأزهري: العرب تستعمل الإلمام في معنى الدنو والقرب.
وفي المصباح: واللّمم بفتحتين مقاربة الذنب وقيل هو الصغائر وقيل هو فعل الصغيرة ثم لا يعاوده ولمّ بالشيء يلمّ من باب ردّ.
ومن غريب أمر اللام والميم إذا وقعتا فاء وعينا للكلمة دلّتا على معنى اللّمح السريع والمرور العاجل اللطيف فمن ذلك: ألمأ اللص على الشيء: ذهب به، وما ذقت لماجا بفتح اللام: ما يتلمّج به أي يتلمظ، ولمح البرق والنجم: لمع من بعيد وبرق لمّاح ولمحته ببصري ورأيته لمحة البرق وهو أسرع من لمح البصر ومن لمح بالبصر، واللّمس معروف وفيه معنى المخالسة، ومن المجاز لامس المرأة ولمسها: جامعها، ولا يخفى ما توحي به هذه من مخالسة وانتهاز ونأي عن الأنظار، ولمظ الرجل يلمظ وتلمظ إذا تتبع بلسانه بقية الطعام بعد الأكل أو مسح به شفتيه واسم تلك البقية اللمّاظة وشرب الماء لماظا بالكسر ذاقه بطرف لسانه ومن المجاز تلمظت الحيّة أخرجت لسانها وتلمظ بذكره قال رجل من بني حنيفة:
فدع عربيا لا تلمظ بذكره ** فألأم منه حين ينسب عائبه

لقد كان متلافا وصاحب نجدة ** ومرتفعا عن جفن عينيه حاجبه

أي لم يأت بخزية يغضّ لها بصره وما الدنيا إلا لماظة أيام وقال:
وما زالت الدنيا يخون نعيمها ** وتصبح بالأمر العظيم تمخض

لماظة أيام كأحلام نائم ** يذعذع من لذّاتها المتبرض

أي المتبلغ، ولمع البرق والصبح وغيرهما لمعا ولمعانا وكأنه لمع البرق وبرق لامع ولمّاع وبروق لمع ولوامع ومن أقوالهم أخدع من يلمع وهو البرق الخلّب والسراب وفلاة لمّاعة تلمح بالسراب وبه لمعة ولمع من سواد أو بياض أو أي لون كان وثوب ملمّع وقد لمّع ولمّعه ناسجه وفيه تلميع وتلاميع إذا كانت فيه ألوان شتّى قال لبيد بن ربيعة:
إن استه من برص ملمّعه

ورجل ألمعي ويلمعي فرّاس ومن المجاز لمع الزمام: خفق لمعانا وزمام لامع ولموع قال ذو الرمّة:
فعاجا علندى ناجيا ذا براية ** وعوّجت مذعانا لموعا زمامها

والطائر يلمع بجناحيه يخفق بهما وخفق بملمعيه: بجناحيه ولمع بثوبه ويده وسيفه: أشار وما بالدار لامع وأصاب لمعة من الكلأ ومعه لمعة من العيش: ما يكتفى به قال عدي:
تكذب النفوس لمعتها ** وتعود بعد آثارا

أي يذهب عنها العيش ويرجع آثارا وأحاديث، وذكر أعرابي مصدّقا فقال: فلمقه بعد ما نمقه أي فمحاه بعد ما كتبه وما ذقت لماقا: شيئا، وامرأة لمياء بيّنة اللّمى وهو السمرة في باطن الشفة ومن المجاز رمح ألمى أسمره وقناة لمياء وظل ألمى كثيف أسود وشجر ألمى الظلال وشجرة لمياء الظل:
إلى شجر ألمى الظلال كأنه ** رواهب أحر من الشراب عذوب

{أَجِنَّةٌ} جمع جنين وسمي جنينا لاستتاره في بطن أمه، وقد تقدم بحث هذه المادة وما تدل عليه.

.الإعراب:

{وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} الواو استئنافية و{للّه} خبر مقدم و{ما} مبتدأ مؤخر و{في السموات} صلة {ما} {وما في الأرض} عطف على {ما في السموات} والجملة استئناف مسوق للإخبار عن كمال قدرته.
{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} اللّام لام العاقبة أو الصيرورة وليست للتعليل بمعنى أن عاقبة أمر الخلق أن يكون فيهم محسن ومسيء فللمسيء السوءى وللمحسن الحسنى وهي متعلقة بما دلّ عليه معنى الملك، و{يجزي} فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام العاقبة وقيل هي بمعنى التعليل وإيضاح هذا المعنى أن التعليل لإضلال من شاء وهداية من شاء، و{الذين} مفعول به وجملة {أساءوا} صلة {الذين} و{بما عملوا} متعلقان بيجزي، {والذين أحسنوا بالحسنى} عطف على ما تقدم.
{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} {الذين} في موضع نصب على أنه بدل من {الذين} أو هو في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ مضمر أي هم الذين يجتنبون وجملة {يجتنبون} صلة {الذين} و{كبائر الإثم} مفعول {يجتنبون} و{الفواحش} عطف على {كبائر الإثم} و{إلا} أداة استثناء و{اللّمم} مستثنى بإلا وهو استثناء منقطع لأنه ليس قبله ما يندرج فيه ويجوز أن يكون متصلا عند من يفسّر {اللّمم} بغير الصغائر، وأجاز الزمخشري أن يكون من باب {لو كان فيهما آلهة إلا اللّه} فتكون إلا بمعنى غير صفة لكبائر الإثم وقد ظهر إعرابها فيما بعدها.
{إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ} {إن} واسمها و{واسع المغفرة} خبرها والجملة تعليلية لاستثناء {اللّمم} لا محل لها.
{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ} {هو} مبتدأ و{أعلم} خبر و{بكم} متعلقان بأعلم و{إذ} ظرف لما مضى من الزمن متعلق بأعلم أيضا وجملة {أنشأكم} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{من الأرض} متعلقان بأنشأكم {وإذ} عطف على {إذ} الأولى و{أنتم} مبتدأ و{أجنّة} خبره و{في بطون أمهاتكم} صفة لأجنّة.
{فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى} الفاء الفصيحة ولا ناهية و{تزكوا} فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل و{أنفسكم} مفعول به و{هو} مبتدأ و{أعلم} خبر و{بمن اتقى} متعلقان بأعلم وجملة {اتقى} صلة الموصول.

.[سورة النجم: الآيات 33- 62]:

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (36) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (40) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى (41) وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (47) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (48) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (49) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عادًا الْأُولى (50) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (53) فَغَشَّاها ما غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (55) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (56) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}.

.اللغة:

{تَوَلَّى} عنه: أعرض عنه وتركه وتولّى هاربا أدبر وسيأتي المزيد من معناه في باب البلاغة.
{أَكْدى} منع عطيته وقطعها وأصله إكداء الحافر وهو أن تلقاه كدية وهي صلابة كالصخرة فيمسك عن الحفر وسيأتي المزيد من معناه في باب البلاغة.
{أَقْنى} أعطى المال الذي اتخذ قنية والقنية المال الذي تأثلته وعزمت أن لا يخرج من يدك وفي الصحاح: قني الرجل يقنى قنى مثل غني يغنى غنى ثم يتعدى بتغيير الحركة فيقال قنيت له مالا كسبته نحو شترت عين الرجل وشترها اللّه وقال الراغب والحقيقة أنه جعل له مالا قنية وقنيت كذا وأقنيته.
{الشِّعْرى} هما شعريان أي كوكبان يسمى أحدهما الشعرى العبور وهو المراد في الآية الكريمة فإن خزاعة كانت تعبدها وقد سنّ عبادتها أبو كبشة وهو رجل من ساداتهم وقال لأن النجوم تقطع السماء عرضا والشعرى تقطعها طولا فهي مخالفة لها فعبدها وعبدتها خزاعة وحمير، وأبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أمهاته ولذلك كان مشركو قريش يسمّون النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي كبشة حين دعا إلى اللّه تعالى وخالف أديانهم تشبيها بذلك الرجل في أنه أحدث دينا غير دينهم، وهي تطلع بعد الجوزاء في شدة الحر وتسمى الشعرى اليمانية، والثاني الشعرى الغميصاء من الغمص بفتحتين وهو سيلان دمع العين.
{الْمُؤْتَفِكَةَ} المنقلبة وهي التي صار أعلاها أسفلها وأسفلها أعلاها.
{أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} أي دنت الدانية، قال النابغة:
أزف الترحل غير أن ركابنا ** لما تزل برحالنا وكأن قد

وقال كعب بن زهير:
بان الشباب وأمسى الشيب قد أزفا ** ولا أرى لشباب ذاهب خلفا

وفي المصباح: أزف الرحيل أزفا من باب تعب وأزفا أيضا دنا وقرب، وأزفت الأزفة: دنت القامة.
{سامِدُونَ} السمود اللهو وقيل الإعراض وقيل الاستكبار وقال أبو عبيدة: السمود الغناء بلغة حمير يقولون: يا جارية اسمدي لنا أي غنّي لنا وقال الراغب: السامد اللاهي الرافع رأسه من قولهم بعير سامد في مسيره وقيل سمد رأسه وجسده أي استأصل شعره وفي المختار: السامد اللاهي وبابه دخل وفسر الزمخشري السمود بالبرطمة وهي عامية فصيحة، ففي الصحاح البرطمة الانتفاخ من الغضب.

.الإعراب:

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} الهمزة للاستفهام التقريري والفاء عاطفة على محذوف مقدّر ورأيت فعل وفاعل بمعنى أخبرني و{الذي} مفعول رأيت الأول وجملة {تولى} صلة الموصول.